سيدنا بلال رضي الله عنه - أول مؤذن في الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
سيدنا بلال رضي الله عنه - أول مؤذن في الاسلام
بلال بن رباح [1]أول مؤذن في الإسلام
اسمه : بلال بن رباح الحبشي المؤذن لرسول الله صلى الله عليه وآله .
قال الشيخ الطوسي : بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله ، شهد بدراً ، وتوفي بدمشق في الطاعون سنة 18 كنيته أبو عبد الله ، وقيل أبو عمرو ، ويقال أبو عبد الكريم ، وهو بلال بن رباح ، مدفون بباب الصغير بدمشق [2]
أمه : حمامة . ويقال له : بلال بن حمامة . وهما واحد . [3] وأمه حمامة كانت لبعض بني جمح [4]
كنيته : يكنى أبا عبد الله ، وقيل أبا عبد الكريم ، وقيل أبا عبد الرحمن ، وقال بعضهم يُكنى أبا عمرو . [5]
وقال ابن الأثير : بلال بن رباح. يكنى: أبا عبد الكريم، وقيل: أبا عبد الله، وقيل: أبا عمرو وأمه حمامة من مولدي مكة لبني جمح، وقيل: من مولدي السراة [6]
وكان مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وآله ، شهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين عُبَيدة بن الحارث بن المطلب . وقيل بل آخى بينه وبين أبي رويحة الخثعمي [7]
صفاته :
عن مكحول قال حدثني من رأى بلالا ، رجلا آدم شديد الأدمة ، نحيفا طُوالا ، أجنأ [8] له شعر كثير ، خفيف العارضين ، به شمط كثير ، لا يغيره [9]
قال ابن عبد البر : وكان فيما ذكروا آدم شديد الأدمة ، نحيفا طوالا أجنى خفيف العارضين . روى عنه عبد الله بن عمرو بن كعب بن عجرة ، وكبار تابعي المدينة والشام والكوفة .
وقال علي بن عمر روى عن بلال جماعة من الصحابة منهم : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن عمر ، وكعب ابن عجرة ، والبراء بن عازب ، وغيرهم رضي الله عنهم [10]
وقال الشيخ الصدوق : وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَمَلْتُ مَتَاعِي مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مِصْرَ فَقَدِمْتُهَا فَبَيْنَمَا أَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ طَوِيلٍ شَدِيدِ الْأُدْمَةِ أَبْيَضِ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ طِمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ وَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا بِلَالٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله فَأَخَذْتُ أَلْوَاحاً فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ .
فَقَالَ : وَ عَلَيْكَ السَّلَام ..... [11]
بلال كان يعذب :
كان بلال بن رباح من المستضعفين من المؤمنين وكان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون وكان الذي يعذبه أمية بن خلف ...
وكان بلال إذا اشتدوا عليه في العذاب قال أحد أحد ؛ فيقولون له قل كما نقول ، فيقول إن لساني لا يحسنه ...
ثم إن بلالا أخذه أهله فمطوه وألقوا عليه البطحاء وجلد بقرة فجعلوا يقولون ربك اللات والعزى ويقول أحد أحد [12]
وقال ابن الأثير :
شهد بدراً والمشاهد كلها، وكان من السابقين إلى الإسلام، وممن يعذب في الله عز وجل فيصبر على العذاب، وكان أبو جهل يبطحه على وجهه في الشمس، ويضع الرحا عليه حتى تصهره الشمس، ويقال: أكفر برب محمد، فيقول: أحد، أحد؛ فاجتاز به ورقة بن نوفل، وهو ذعب ويقول، أحد، أحد؛ فقال: يا بلال، أحد أحد، والله لئن مت على هذا لأتخذن قبرك حناناً ) [13]
وعن ابن اسحق قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال: كان ورقة بن نوفل يمر ببلال وهو يعذب على الإسلام، وهو يقول أحد، أحد، فيقول ورقة: أحد، أحد والله يا بلال لن تفنى، ثم يقبل على من يفعل ذلك به من بني جمح وعلى أمية فيقول: أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا [14].
معنى لأتخذن قبرك حنانا :
قال ابن الأثير : وفي حديث بلال [ أنه مَرَّ عليه وَرَقة بنُ نَوْفَل وهو يُعَذَّب فقال : واللّه لئن قتَلْتُموه لأتَّخِذَنَّه حَنَانا ]
الحنَان : الرَّحْمة والعَطْف والحَنان الرِّزْق والبَركة . أراد : لأجْعَلنّ قَبْره موضع حَنَانٍ أي مَظِنَّة من رحمة اللّه فأتمَسَّح به مُتَبَرِّكاً كما يُتَمسَّح بقُبور الصالحين الذين قتِلوا في سبيل اللّه من الأمم الماضِية فيَرْجِع ذلك عاراً عليكم وسُبَّة عند الناس . وكان وَرَقةُ على دِين عيسى عليه السلام [15].
وقيل: كان مولى لبني جمح، وكان أمية بن خلف يعذبه، ويتابع عليه العذاب، فقدر الله سبحانه وتعالى أن بلالاً قتله ببدر ) [16].
من الذي أعتقه ؟
يوجد خلاف بين المؤرخين وأصحاب الحديث في من أعتق بلالا ففريق يذهب إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي أعتقه ، بينما يرى فريق آخر أن أبا بكر هو الذي أعتقه .
القول الأول : أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي اشتراه وأعتقه . حيث عبروا أنه مولى رسول الله أي عبده .
ذكر ذلك : الواقدي ، وابن إسحاق ، والشيخ الطوسي ، والشيخ الصدوق ، وابن داود ، وابن أبي الحديد ، والاسكافي وغيرهم .
قال الشيخ الطوسي في رجاله : بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و آله
شهد بدرا و توفي بدمشق في الطاعون سنة ثماني (ثمان) عشرة كنيته أبو عبد الله و قيل أبو عمرو [و يقال أبو عبد الكريم]. و هو بلال بن رباح مدفون بباب الصغير بدمشق. [17]
وقال ابن داود : بلال بن رباح - بالباء المفردة مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، ل ، ي ، كان صالحا [جخ] و قال [كش]: روى عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حسب، شهد بدرا و توفي في دمشق بالطاعون كنيته أبو عبد الله وقيل أبو عمرو و قيل أبو عبد الكريم.[18]
ونقل العلامة ما ذكره الكشي فقط
وقال ابن أبي الحديد قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله : ( أما بلال وعامر بن فُهَيْرة ، فإنما أعتقهما رسول الله صلى الله عليه وآله ، روى ذلك الواقدي وابن إسحاق وغيرهما ) [19]
وروى الواقدي في كتاب فتوح الشام في قصة فتح بيت المقدس :
أن بلالا قال لعمرو بن العاص :
فتقدم إليه بلال بن حمامة مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غلاماً أسود طويلاً من الرجال كأنه النخلة السحوق بصاص من السواد، عيناه جمرتان كأنهما العقيق جهوري الصوت.
فقال: يا عمرو أنا أسير إليه، فقال: يا بلال إنك قد حطمك الحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، .....
فقال بلال: أيها القس أنا بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤذنه ولست بعاجز عن جواب صاحبك ، ..... [20]
فبلال يعبر عن نفسه أنه مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وعتيقه .
كما قد تكرر في تاريخ ابن عساكر قوله عن محمد بن راشد بسنده عن بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم [21]
القول الثاني : أن الذي أعتقه هو أبو بكر .
ذكر ذلك أكثر المؤرخين وأهل الحديث والمترجمين لبلال وقالوا أن الذي اشتراه وأعتقه هو أبو بكر [22]
ويبدو أن أول من قال ذلك هو أبو عثمان عمرو بن حرب الجاحظ ( ت 255 هـ ) في عثمانيته ، ورد عليه أبو جعفر الإسكافي كما تقدم عن ابن أبي الحديد .
كان من السابقين :
روى الشيخ الصدوق في خصاله خبر السباق الخمسة :
وقال التستري وهو خبر موضوع لم يتفطن الخصال له .
وقال قد اعترف العامة بوضع خبر ( السباق الخمسة )
رواه الذهبي في ميزانه عن بقية وقال : ( السباق أربعة ..... ) ثم قال قال أبو زرعة ، وأبو حاتم : حديث باطل ، لا أصل له ) [23]
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بلال سابق الحبشة [24]
وكان بلال يحمل العنزة [25] بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم العيد والاستسقاء
قال محمد بن عمر وشهد بلال بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم [26]
وقتل من المشركين :
شارك في قتل أمية بن خلف رأس الكفر [27]
وأسر في بدر : أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة [28]
مدحه والثناء عليه :
روى الكشي بسنده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال كان بلال عبدا صالحا [29]
وقال الشيخ الصدوق وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بِلَالًا كَانَ عَبْداً صَالِحاً .
فَقَالَ : لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَتُرِكَ يَوْمَئِذٍ ( حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ) [30]
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام .
فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ بِلَالٌ
قَالَ : وَ لِمَ ؟
قَالَ : لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ [31]
والظاهر أن القائل : ( إن أول من سبق إلى الجنة بلال ) هو الشامي كما استظهره الميرزا في منهج المقال : على مقتضى السياق [32] والسيد الخوئي في معجمه والتستري في قاموس الرجال ، وليس الإمام الصادق كما استظهره المامقاني في تنقيح المقال [33]
ونسب إلى الشيخ المفيد قوله : وكان بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله لزم بيته ولم يؤذن لأحد من الخلفاء ، وقال فيه أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام : رحم الله بلالاً فإنه كان يحبنا أهل البيت [34]
وذكره العلامة في الخلاصة في القسم الأول المعد للثقات [35]
وذكره العلامة المجلسي ووضع عليه علامة المدح [36].
ونقل الوحيد البهبهاني في تعليقته مدحه [37]
وذكره في حاوي الأقوال في الحسان [38]
ووثقه المامقاني في تنقيح المقال [39]
علي عليه السلام يعلم بلالا الأذان :
روى المشايخ الثلاثة الكليني والصدوق والطوسي أن جبرئيل هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله بالأذان فعلمه علياً عليه السلام وأمر النبي صلى الله عليه وآله عليا أن يعلمه بلالا وأن الأذان توقيفي :
فقد روى الكليني والطوسي بسند صحيح عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ :
لَمَّا هَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِالْأَذَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ، كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَذَّنَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَ أَقَامَ ، فَلَمَّا انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله
قَالَ : يَا عَلِيُّ سَمِعْتَ ؟ .
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : حَفِظْتَ ؟.
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : ادْعُ بِلَالًا فَعَلِّمْهُ .
فَدَعَا عَلِيٌّ عليه السلام بِلَالًا فَعَلَّمَهُ [40]
وكذلك رواه الشيخ الصدوق عن منصور بن حازم .
بلال يؤذن على الكعبة :
روى الواقدي قال :
حدثني علي بن عمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد ابن المسيب، قال: لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسكه دخل البيت، فلم يزل فيه حتى أذن بلالٌ بالظهر فوق ظهر الكعبة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.
فقال عكرمة بن أبي جهل: لقد أكرم الله أبا الحكم حيث لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول! وقال صفوان بن أمية: الحمد الله الذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا! وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم، حين يقوم بلال بن أم بلال ينهق فوق الكعبة! وأما سهيل بن عمرو ورجالٌ معه، فحين سمعوا ذلك غطوا وجوههم.
حدثني إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، قال: لم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة في القضية، قد أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبوا وقالوا: لم يكن في شرطك. وأمر بلالاً فأذن فوق الكعبة يومئذٍ مرةً ولم يعد بعد، وهو الثبت [41].
امتناع بلال عن الأذان بعد رسول الله :
تعددت الروايات من المسلمين من امتناع بلال عن الأذان لأحد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا لفاطمة عليها السلام مرة وللحسنين عليهما السلام مرة أخرى .
الأذان الأول لبلال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله :
قال الشيخ الصدوق : وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : امْتَنَعَ بِلَالٌ مِنَ الْأَذَانِ ، وَ قَالَ لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ، وَ إِنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام
قَالَتْ : ذَاتَ يَوْمٍ إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ مُؤَذِّنِ أَبِي عليه السلام بِالْأَذَانِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بِلَالًا فَأَخَذَ فِي الْأَذَانِ فَلَمَّا قَالَ : ( اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ) ، ذَكَرَتْ أَبَاهَا عليها السلام ، وَ أَيَّامَهُ فَلَمْ تَتَمَالَكْ مِنَ الْبُكَاءِ ؛ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ : ( أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ) شَهَقَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام ، شَهْقَةً ، وَ سَقَطَتْ لِوَجْهِهَا ، وَ غُشِيَ عَلَيْهَا .
فَقَالَ النَّاسُ : لِبِلَالٍ أَمْسِكْ يَا بِلَالُ فَقَدْ فَارَقَتِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ، الدُّنْيَا وَ ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ ، فَقَطَعَ أَذَانَهُ وَ لَمْ يُتِمَّهُ ؛ فَأَفَاقَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام وَ سَأَلَتْهُ أَنْ يُتِمَّ الْأَذَانَ ؛ فَلَمْ يَفْعَلْ .
وَ قَالَ لَهَا : يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ مِمَّا تُنْزِلِينَهُ بِنَفْسِكِ إِذَا سَمِعْتِ صَوْتِي بِالْأَذَانِ فَأَعْفَتْهُ عَنْ ذَلِكَ [42]
الأذان الثاني لبلال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله :
قال ابن الأثير : ثم إن بلالاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول: ( ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا ) فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السحر، فعلا سطح المسجد، فلما قال: ( الله أكبر، الله أكبر ) ارتجت المدينة، فلما قال: ( أشهد أن لا إله إلا الله ) زادت رجتها، فلما قال: ( أشهد أن محمداً رسول الله ) خرج النساء من خدورهن فما رئي يوم أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم [43].
قال المزي : ويقال: إنه لم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا مرة واحدة، في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب إليه الصحابة ذلك فأذن، ولم يتم الأذان، وقيل: إنه أذن لأبي بكر الصديق خلافته. [44]
ما رواه في فضائل شيعة أهل البيت :
قال ابن الأثير : روى كعب بن نوفل المزني، عن بلال بن حمامة قال: " طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يضحك، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله، ما أضحكك؟
قال: " بشارة أتتني من الله عز وجل، في أخي وابن عمي وابنتي؛ أن الله عز وجل لما أراد أن يزوج علياً من فاطمة رضي الله عنهما أمر رضوان فهز شجرة طوبي فنثرت رقاقاً، يعني صكاكاً، بعدد محبينا أهل البيت، ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور، فأخذ كل ملك رقاقاً، فإذا استوت القيامة غدا بأهلها، ماجت الملائكة في الخلائق؛ فلا يلقون محباً لنا أهل البيت إلا أعطوه رقا فيه براءة من النار، فنثار أخي وابن عمي فكاك رجال ونساء من أمتي من النار " .
أخرجه أبو موسى وقال: هذا حديث غريب لا طريق له سواه، وبلال هذا قيل: هو بلال بن رباح المؤذن، وحمامة: أمه نسب إليها [45].
دقة بلال في الأذان :
قال الشيخ الصدوق : وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله : مُؤَذِّنَانِ أَحَدُهُمَا بِلَالٌ ، وَ الْآخَرُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَعْمَى وَ كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الصُّبْحِ .
وكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانَهُ فَكُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ بِلَالٍ ) [46]
وقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن بلال حديثاً طويلا في فضائل الأذان والمؤذنين والصبر والتقوى والزهد وغيرها [47]
بلال من المشّفَعين :
روى ابن شهر آشوب في [المناقب ] قال : عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ }
قَالَ يَعْنِي مَا تَنْفَعُ كُفَّارَ مَكَّةَ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ .
ثُمَّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أُمَّتِهِ رَسُولُ اللَّهِ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ وُلْدِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي الرُّومِ الْمُسْلِمِينَ صُهَيْبٌ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي مُؤْمِنِي الْحَبَشَةِ بِلَالٌ [48]
بلال لصيق مع رسول الله :
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ عِنْدَهُ صُهَيْبٌ وَ خَبَّابٌ وَ بِلَالٌ وَ عَمَّارٌ وَ غَيْرُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ .
فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ أَ رَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ عَنْ قَوْمِكَ ؟ أَ فَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعاً لِهَؤُلَاءِ ؟
اطْرُدْهُمْ عَنْ بَيْتِكَ فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ اتَّبَعْنَاكَ
فَقَالَ صلى الله عليه وآله : ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالُوا : فَأَقِمْهُمْ عَنَّا إِذَا جِئْنَا فَإِذَا قُمْنَا فَأَقْعِدْهُمْ مَعَكَ إِنْ شِئْتَ
فَقَالَ : نَعَمْ طَمَعاً فِي إِيمَانِهِمْ [49]
وفاته ومدفنه :
اختلف في سنة وفاته وفي عمره كما اختلف موضع قبره فقيل :
قيل توفي في طاعون عمواس سنة 17 أو 18 ، وقيل توفي سنة 20 هـ وقيل 21 هـ
وعمره 63 وقيل 70 سنة .
واختلف في موضع قبره فقيل بمقبرة دمشق عند الباب الصغير ، وقيل بداريا ، وقيل بحلب ودفن على باب الأربعين [50].
توفي بلال بدمشق سنة عشرين ودفن عند باب الصغير في مقبرة دمشق وهو بن بضع وستين سنة وذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه [51]
وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي: توفي بلال بدمشق، ودفن بباب الصغير سنة عشرين، وهو ابن بضع وستين سنة، وقيل: مات سنة سبع أو ثماني عشرة، وقال علي بن عبد الرحمن: مات بلال بحلب، ودفن على باب الأربعين، وكان آدم شديد الأدمة، نحيفاً طوالاً، أجنى خفيف العارضين .
قال أبو عمر: وله أخ اسمه خالد، وأخت اسمها: غفيرة، وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة المحدث، ولم يعقب بلال [52].
[1] مصادر ترجمته :
رجال الكشي ص 110 رقم 79 ، رجال الطوسي ، رجال ابن داود ، التحرير الطاووسي لابن الشهيد الثاني ص 59 ، تنقيح المقال ج 13 ص 81 ، الخلاصة للعلامة ص 82 ، تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة ، تهذيب الحكام ج 2 ص 284 ، سفينة البحار ج 1 ص 386 -391 ، قاموس الرجال ج 2 ص 392 – 400 رقم 1204 ، من لا يحضره الفقيه ، الخصال للشيخ الصدوق ، روضة الواعظين ج 14 ص 68 ، حاوي الأقوال ج 3 ص 97 ، منتهى المقال لأبي علي الحائري ج 2 ص 176 ، منهج المقال ج 3 ص 90 ، رجا ل المجلسي ص 170 رقم 301 ، الطرائف لابن طاووس ، معجم رجال الحديث ج 4 ص 270 ، نقد الرجال للتفريشي ج 1 ص 302 رقم 808 .
طبقات ابن سعد: 3 / 232، 7 / 385، المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 336 – 366 ، مسند أحمد بن حنبل ج 17 ص 159 حديث 23768- 23806 وفي طبع القديم ج 6 ص 12- 15 ، وسير أعلام النبلاء: 1 / 347 – 360 رقم 76 ، الاستيعاب ج 1 ص 258 رقم 214 ، الإصابة ج 1 ص 455 رقم 735 ، الثقات لابن حبان ج 1 ص 264 رقم 96 ، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي ج 3 ص 244 رقم 855 ، تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 288 . تاريخ الإسلامي للذهبي في ترجمة بلال وفيات سنة 20 . بتحقيق : عمر عبد السلام تدمري
وكنز العمال: 13 / 305 - 308 ، المغازي للواقدي ( انظر فهرس الأعلام ج 3 ص 1145 ) أخبار مكة للأزرقي ج 1 ص 212 و 276 و 277 و280 و 281 و 284 و 285 و 287 و 288 و ج 2 ص 542 ، شفاء الغرام للفاسي ج 1 ص 136 و 207 و212 و 225 و 226 و 227 و228 و 229 و230 و 233و 235 و 236 و 237 و 238 و 239 و 240 و 241 و 243 و 244و 246 و 247 و 248 و 249 و 250 و 252 و 261 و 602 .
وج 2 ص 235 – 239 و 243 و 244 و 245 و 246 .
وذكر جملة منها في هامش تهذيب الكمال - (ج 4 / ص 288) وهامش تاريخ الإسلامي للذهبي في ترجمة بلال . بتحقيق : عمر عبد السلام تدمري
تاريخ خليفة: 56، 99، 149، 423، وطبقاته: 19، 298، ونسب قريش: 208، وتاريخ البخاري الكبير: 2 / 1 / 106، وتاريخه الصغير: 30، والكنى لمسلم، الورقة: 58، والمعرفة ليعقوب: 1 / 243، 260، 281، 446، 248، 452، 453، 455، 2 691 / 222، 303، 363، 496، 625، 628، 3 / 30، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي: 594، وتاريخ واسط لبحشل: 48، 57، 66، 77، 223، 236، 237، 251، 274، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 1 / 1 / 395، وثقات ابن حبان: 3 / 28 (من المطبوع)، والمشاهير: 50، والاغاني لابي الفرج: 3 / 120 - 121، وحلية الاولياء لابي نعيم: 1 / 147 - 151، والجمع لابن القيسراني: 1 / 60، وتاريخ دمشق لابن عساكر (انظر تهذيبه: 3 / 304 - 318)، وأسد الغابة لابن الاثير: 1 / 206 - 209، وتهذيب الاسماء للنووي: 1 / 136 - 137، وتذهيب الذهبي: الورقة 93، والكاشف: 1 / 165، وتاريخ الاسلام: 2 / 3، وإكمال مغلطاي: 2 / الورقة: 31، وتهذيب ابن حجر: 1 / 502 - 503، ومجمع الزوائد: 9 / 299 - 300، وغيرها من كتب الصحابة والحديث والتواريخ، وراجع تحفة الاشراف : 1 / 104 - 114.
[2] رجال الطوسي باب أصحاب رسول الله حرف الباء .
[3] انظر الإصابة ج 1 ص 455 ، وتهذيب الكمال .
[4] الطبقات لبن سعد . ترجمة بلال . تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 288 . الاستيعاب ج 1 ص 259 .
[5] الاستيعاب ج 1 ص 258 .
[6] أسد الغابة - (ج 1 / ص 129)
[7] الاستيعاب ج 1 ص 258 .
[8] أجنأ : أحدب الظهر .
[9] الطبقات الكبرى - (ج 7 / ص 386) تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 290 .
[10] الاستيعاب ج 1 ص 259 .
[11] من لا يحضره الفقيه ج : 1 ص : 292 ح 905 .
[12] انظر : الطبقات الكبرى - (ج 3 / ص 232)
[13] أسد الغابة - (ج 1 / ص 129)
[14] السيرة النبوية لابن إسحاق - (ج 1 / ص 65)
[15] النهاية في غريب الحديث ج 1 ص 435 مادة : حنن .
[16] أسد الغابة - (ج 1 / ص 129)
[17] رجالالطوسي ص : 27 رقم 80
[18] رجالابنداود ص : 74 رقم 262
[19] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلة ج 13 ص 273 .
[20] فتوح الشام - (ج 1 / ص 267)
[21] مختصر تاريخ دمشق - (ج 1 / ص 751 وج 2 ص 251 )
[22] انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ترجمة بلال ، أسد الغابة ج 1 ص 129 ، الاستيعاب لابن عبد البر ، الإصابة في تمييز الصحابة وغيرها .
[23] ميزان الاعتدال ج 2 ص 51 ترجمة بقية بن الوليد .
[24] الطبقات الكبرى - (ج 3 / ص 232)
[25] العنزة : عصاة توضع حاجزا أمام المصلي .
[26] الطبقات الكبرى - (ج 7 / ص 386)
[27] المغازي للواقدي ج 1 ص 83 و151 .
[28] المغازي للواقدي ج 1 ص 140
[29] رجالالكشي ص : 39 رقم 79
[30] منلا يحضرهالفقيه ج : 1 ص : 284 رقم 872
[31] تهذيبالأحكام ج : 2 ص : 284 ح 35
[32] منهج المقال ج 3 ص 92 رقم 882 .
[33] تنقيح المقال ج 13 ص 91 .
[34] الاختصاص المنسوب إلى الشيخ المفيد ص 73 ولم يثبت له .
[35] خلاصة الأقوال ص 82 رقم 166 تحقيق القيومي ، وترتيب خلاصة الأقوال ص 106
[36] رجال المجلسي ص 170 رقم 301 .
[37] منتهى المقال ج 2 ص 177 .
[38] نفس المصدر السابق .
[39] تنقيح المقال ج 13 ص 91 .
[40] الكافي ج : 3 ص : 302 باب 18 بدء الأذان ح 2 و تهذيبالأحكام ج : 2 ص : 277 حديث بسند صحيح 1099، و من لا يحضرهالفقيه ج : 1 ص : 282 رقم 965
[41] المغازي للواقدي - (ج 1 / ص 300)
[42] من لا يحضره الفقيه ج : 1 ص : 298 ح 907 .
[43] أسد الغابة - (ج 1 / ص 131)
[44] تهذيب الكمال - (ج 4 / ص 289)
[45] أسد الغابة - (ج 1 / ص 129)
[46] من لا يحضره الفقيه ج : 1 ص : 292 ح 906 .
[47] من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 292 حديث 905 .
[48] بحار الأنوار ج : 8 ص : 43 ح 37
[49] بحار الأنوار ج : 17 ص : 41
[50] العقد الثمين ج 3 ص 246 .
[51] الطبقات الكبرى - (ج 7 / ص 386)
[52] أسد الغابة - (ج 1 / ص 131)
.
مواضيع مماثلة
» السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم
» قصة طريفة بين سيدنا عمر وسيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما
» دروس السيرة الدرس الثاني : تاريخ وجود سيدنا محمد وسر اصطفائه صلى الله عليه و آله وسلم
» العلاء البخاري:من أطلق على ابن تيمية شيخ الاسلام فهو كافر
» ابن باز: الله له ظل كما يلييق بجلاله !! تعالى الله عما يصفون!! رد ابن عثيمين على هذه المسألة
» قصة طريفة بين سيدنا عمر وسيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما
» دروس السيرة الدرس الثاني : تاريخ وجود سيدنا محمد وسر اصطفائه صلى الله عليه و آله وسلم
» العلاء البخاري:من أطلق على ابن تيمية شيخ الاسلام فهو كافر
» ابن باز: الله له ظل كما يلييق بجلاله !! تعالى الله عما يصفون!! رد ابن عثيمين على هذه المسألة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى